قصيدة :
تصاريف القدر
من يحسب أن المصائب سماؤها
حجزت للآخرين فقد غفلْ
الا يعلم أن الأمور نصابها
وتوقيعها عند العليم بأجلْ
ومن سعى في الورى متباهيا
جاءته الهموم بأحلى الحللْ
لعمرك كم من جبار متنفذ
أصبح ذليلا سكيب المقلْ
ومن سليم معافى بدنه
تداولت عليه الأسقام والعللْ
ومن فنان اضحاك الجمهور مهنته
ارداه فيض من كآبة ومللْ
و من نجم أسر المعجبين حبه
قضى نحبه مهمشا منعزلْ
و من مترف فِحُش ثراءه
طاف في الأسواق يتسولْ
و من معدم لا يملك قوت يومه
صارت له قطعان الخيل والإبلْ
و من بخيل شحيح جَوَّعَ بطنه
آلت كل مذخراته لمسرف مختلْ
ومن معوز بائس وضيع عيشه
غدا رفيعا متمكنا تفسح له السبلْ
و من مهموم شل اليأس لبه
تفتق ينبوعا فياضا يجود بالأملْ
و من مظلوم يكابد في سجنه
يترقب ساعة الإعدام بوجلْ
يشتد سواد الزنزانة و ضيقها
ويبرح بأمر الله أسوار المعتقلْ
لا يرفع المال أبدا قدر صاحبه
ما لم يبتغ به أرفع وأنبل المثلْ
لو كان للناس اختيار أشكالهم
لتنمقت الوجوه واشرقت المقلْ
من كان جميل الوجه لا فضل له
في خلقته فهي من المصور المجلْ
ومن كان من القبح في ملامحه
كتب جميلا وسيما عند المعز المذلْ
جمال الوجوه تداول الايام يسلبه
ويسمو حسن الخلق و الاصلْ
وتعلوا هامات الكرام بسؤدد
ويغرق شرادم اللئام في الذلْ
ويذكر التاريخ بالفخر افاضلا
وينبذ كل ظالم مستبد عُتُلْ
عزيز شرحبيل
مراكش - المغرب